بريدك الالكتروني


English

 
 

اسألوا أهل الذكر

|

معًا نربي أبناءنا

|

الحج والعمرة

|

الزكاة

|

صحية

|

دعوية

|

إيمانية

|

شبابية

استشارات:

 
 

أرسل لصديق

في الموقع أيضًا:

المقهى الثقافي   -    دردشة   -    دليل المواقع الثقافية    -    صوتيات ومرئيات 

مساحات ثقافية |تراث وحضارة | لغة وأدب |فنون تشكيلية | سينما ومسرح |ميديا | أوتار وأنغام |مساهمات الزائرين


"نحن والآخر"..العالم ليس الغرب فقط!

2006/03/16

مصطفى عاشور**

إحدى جلسات المؤتمر

ما زال "الآخر" الغربي يشغل حيزا كبيرا في تفكير النخبة المثقفة في العالم العربي والإسلامي سواء على مستوى إيجاد فهم حقيقي وواقعي لهذا الآخر، أو البحث عن الأسلوب الأمثل للتفاعل معه دون أن يقود ذلك إلى حالة من الذوبان داخله.

ورغم أن "الآخر" الخاص بالمسلمين لا يقتصر على الغرب وحده وإنما يمتد ليشمل قطاعات كبيرة من العالم فإن الغرب استطاع أن يحوز النصيب الأكبر من تفكير المسلمين في هذا الإطار، كما أن جزءا كبيرا من أحاديث النخبة المثقفة في المنطقة الإسلامية والعربية انشغلت بالآخر الغربي أكثر من انشغالها بالتواصل مع الآخر الداخلي سواء كان دينيا أو مذهبيا أو عرقيا أو حتى سياسيا.

كذلك كثرت الأحاديث عن إدارة التواصل مع الآخر الغربي في أجواء من التفاهم التي تظللها الشريعة الإسلامية الغراء والقيم الإنسانية، في حين أن إدارة التواصل مع الآخر الداخلي ما زالت حديثا مسكوتا عنه تحت دعاوى الأمن الوطني وعدم إثارة الفرقة وعدم فتح الملفات الشائكة التي توظف -حسب تلك الرؤى- من القوى الخارجية.

وتحت عنوان "نحن والآخر" عقد في العاصمة الكويتية تحت إشراف وزارة الأوقاف مؤتمر على مدار 3 أيام وعلى مدى 9 جلسات شارك فيها أكثر من مائة عالم ومفكر وكاتب وداعية من 23 دولة إسلامية وغير إسلامية لمناقشة تلك القضايا، وكان أبرز محاور المؤتمر:

* معالم التعايش مع الآخر: وتناول مفهوم المعايشة مع الآخر، وتأصيله ونشره بين مختلف المجتمعات الإسلامية والغربية.

* آفاق التواصل مع الآخر: وتناول كيفية التواصل بين المجتمعات الإسلامية والغربية من خلال التحاور لتصحيح المفاهيم الخاطئة التي تسبب التباعد في فهم الآخر، والمشروعات والبرامج التي تكفل مخاطبة الآخر باللغة التي يفهمها، مع مراعاة أسلوب التفكير الذي يأخذ به في تقويمه للأمور، ويحقق الوسطية والعدل والاعتدال في التعامل مع الآخر.

* ماذا يريد كل منا من الآخر: وبحث المتطلبات التي يريدها كل طرف من الآخر على وجه يحقق التعايش بين المجتمعات الإسلامية والغربية من دون الإخلال بالثوابت والخصوصيات.

وأرجع المنظمون للمؤتمر اختيار عنوان "نحن والآخر" ليكون موضوعا للنقاش في المؤتمر إلى سببين أساسيين، هما: إبراز قيمة التسامح في الإسلام، وإثبات أن هذا التسامح لم يكن مجرد شعار فقط، ولكنه كان واقعا معيشا.

الثاني: الانتقال بالأمم من طور الجدل حول طبيعة العلاقة بينهما، سواء كانت صداما أم صراعا إلى التأكيد على أنها علاقة تعاون، وخاصة بعد شيوع ما يسمى بنظرية صدام الحضارات.

العقول المفتوحة على الكل

الشيخ فضل الله

أكد الشيخ "علي محمد حسين فضل الله" أحد القيادات الشيعية اللبنانية أن هناك من يتحصن في قمم موقعه الطائفي أو المذهبي ثم ينظر للآخر من خلال موقعه، ومن ثم الواجب هو التركيز على بناء العقول المفتوحة على الكل، وتساءل هل نرى في وجود الآخر المختلف نوعا من الإيجابية؟ وكيف نعتمد آلية لحل الخلافات الناجمة عن التواصل؟ وكيف نبقي سلبيات التواصل في حدودها الدنيا حتى لا يتحول التواصل إلى ذوبان لطرف في الطرف الآخر؟.

وأكد فضل الله أن التواصل هو عنوان الحياة، وأن التنوع يتحول إلى مشكلة عندما يتحول الخلاف إلى عصبية إلغائية تستند إلى عنصر القوة، وبالتالي يتحول التنوع إلى "مشاريع حرب" طائفية ومذهبية، ودعا إلى أن يكون عنوان التواصل بين الناس هو مقولة علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "الناس صنفان: أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق"؛ لذا فالتواصل يحتاج إلى عمليات صيانة مستمرة؛ لأن رسالة الإسلام هي رسالة اليد المفتوحة.

أما وزير الأوقاف السوداني السابق عصام البشير فأشار إلى أن المشكلة هي الإسراف في الحديث عن غير المسلم وسماحة الإسلام في التعامل معه، في حين يغيب تجسيد هذه القيم إلى واقع ملموس عند الاختلاف سواء على المستوى السياسي أو المذهبي؛ لذا عرف القاموس الداخلي بين المسلمين كلمات "التكفير والتفسيق والتخوين" في تعامل المسلمين مع بعضهم البعض.

وتساءل "البشير" عن الطرف الواجب عليه الاعتراف بالآخر هل الغرب أم المسلمون؟ فالغرب لا يعترف بالإسلام كدين سماوي، ولا بالمسلمين كجزء من المنظومة البشرية ولا يريد أن يعترف بالخصوصية الثقافية للمسلمين، وأكد أن الغرب يقوم على أساس تعددية ذاتية لا مجال فيها للآخر، كما أن الغرب يسعى لفرض مركزية حضارته على العالم.

الذات والآخر في التواصل

الشيخ الصفار

من الأسئلة التي طرحت نفسها ونوقشت في مؤتمر "نحن والآخر" هي: كيف نجري حوارا وتواصلا مع الآخر في حين أن قنوات الحوار المذهبية والعرقية والدينية الداخلية في العالم الإسلامي تعاني من انسداد شديد، بل إن الكثير من المسلمين يديرون تنوعهم وخلافاتهم بطريقة أقرب إلى الصراع والتناحر منها إلى التفاهم والتواصل؟.

وقد أشار إلى هذه القضية عدد من الحضور ومنهم العالم الشيعي السعودي "حسن الصفار" الذي أكد على أن المسلمين أمة كبيرة تحوي الكثير من التنوع الثقافي والمذهبي، وأن العلاقات بين هذا التنوع لم تكن على ما يرام بل لم تكن هذه العلاقات ضمن الحالة السوية.

وأكد الصفار أن مشكلتنا الداخلية في التواصل لا تقل عن مشكلتنا الخارجية، وأن منشأ هذا الخلل في التواصل الداخلي يرجع إلى عاملين مهمين:

الأول: العامل السياسي: حيث لا يتحقق مفهوم المواطنة، وبالتالي تصبح العلاقة بين الأفراد مختلة، وكذلك تختل العلاقة بين الحقوق والواجبات، ومن هنا تشعر فئة ما بالغبن والاضطهاد والتمييز، وهو ما يقود إلى الانفجار الداخلي عاجلا أو آجلا، ومن ثم تصبح هناك حاجة ماسة إلى إيجاد إصلاح سياسي عند التفكير في أي تواصل على المستوى الداخلي.

الثاني: الخلل الثقافي: وتتمثل أهم عناصره في انعدام ثقافة التسامح، وهو ما يمثل عائقا في انفتاح كل إنسان على الآخر. فوجود الانغلاق يخلق مبررا للإساءة إلى الآخر والاعتداء عليه وعلى حقوقه، وأكد الصفار أن هناك "ثقافة تعبوية تحريضية" خاصة في أوساط المتدينين، وهذه الثقافة التعبوية التحريضية هي جزء من مشكلة الأمة الحالية؛ فالحرب أولها كلام، وإصلاح الخلل الثقافي الذي يشعل النيران الداخلية في الأمة مقدم على غيره من الأمور.

وأكد أن "القلب منطقة محرمة" لا يجوز إكراه أحد على تغيير ما يعتقد ويؤمن به، ويجب على أي فئة ما ألا تظن أنها تمارس الوصاية على الآخرين؛ فالأنبياء أنفسهم لم يمارسوا الوصاية على الناس، والمؤمنون الحق يبحثون عن الرأي الآخر مصداقا لقوله تعالى: "الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه".

أما الشيخ محمد العوضي الداعية الكويتي فأشار إلى أن التواصل تربية قبل أن يكون ثقافة ومعلومات، وأنه في كل مذهب ودين وعرقية "مجانين" وهؤلاء صوتهم عال، وتساءل في النهاية هل المساجد والمعابد والكنائس تخلق الكراهية أم تعمق التواصل بين البشر؟.

أما الأكاديمي المصري الدكتور باسم خفاجي فأكد أن هناك أغلبية من المسلمين ترى إمكانية التميز والتلاقي مع الآخر في ظل وجود طرفين أحدهما يرى العداء المطلق مع الآخر، والثاني يرى الولاء المطلق للآخر.

وأكد أن تعريف الآخر يبدأ من تعريف الذات، وبالتالي فالآخر بالنسبة للمسلمين هو غير المسلمين، ومن ثم فمن الخطأ أن ننظر للآخر على أنه الغرب فقط.

وأكد المؤتمرون أن وجود الاختلافات بين المسلمين وغيرهم أو بين الحضارات ليس مبررا لوجود العداء لأن الاختلاف هو مدعاة للتكامل.

غربولوجيا

قطب سانو

أما مفتي مصر الدكتور علي جمعة فدعا إلى إنشاء مجموعة من الكتب تساهم في فهم الآخر للعقل المسلم، من خلال تحديد الكتب التي ساهمت في تشكيل العقل المسلم مع ترجمتها إلى اللغات الأخرى، وأكد أن الطرفين الإسلامي والغربي لا يعترف كلاهما بالآخر، وأن البداية الصحيحة لأي حوار تكون من باب الاعتراف، وأكد أن الغرب لا بد أن يعترف بدور المسلمين في المشاركة في البناء الحضاري الإنساني، وأن هناك ضرورة لاندماج المسلمين في العالم وهو ما يتطلب تغيير نمط التعبير عن أنفسهم.

أما الدكتور قطب مصطفى سانو الأستاذ بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا فدعا إلى بلورة منهجية للتواصل مع الآخر تجمع بين المرونة والسعة مع التزام منهج الوسطية الذي دعت إليه الشريعة الإسلامية مع التزام النظرة الموضوعية التكاملية في التواصل واستحضار المقاصد والمآلات في العملية التواصلية وأن تكون القاعدة الحاكمة في التواصل هي: "لا غلو في الجفاء ولا غلو في التواصل"، ومن ثم فالتوازن مطلوب في العملية التواصلية.

ودعا سانو إلى تأسيس علم جديد للتواصل مع الغرب يكون اسمه "علم الغرب" أو الآخر أو علم "غربولوجيا" كنوع من الآلية لتحقيق تواصل دائم مع الغرب، وذلك على غرار ما قام به المسلمون في جامعاتهم ومعاهدهم من تأسيس قسم يعرف بـ"إسلامولوجيا" أو علم الإسلام، وبالتالي يستطيع هذا العلم تقديم الرؤية المنهجية والأكاديمية والأفكار العميقة عن الغرب على اعتبار أن الغرب ليس مفهوما جغرافيا بل هو منظومة ثقافية، وأكد سانو أن الغرب متنوع؛ فهناك الغرب الاقتصادي والسياسي والمعرفي الثقافي والتاريخي، ومشكلتنا في العالم الإسلامي أننا ننظر إلى الغرب من منظور واحد.

الاستشراق

كان الخطاب الاستشراقي حاضرا في مؤتمر "نحن والآخر" في الورقة التي قدمها الدكتور "ميكلوش جينيو موراني" الأستاذ بجامعة بون بألمانيا الذي أشار إلى أن الاستشراق في أذهان الكثيرين ينحصر في دراسة الحضارة الإسلامية، رغم أن مجاله الحقيقي هو الدراسة الأكاديمية للحضارات واللغات والأديان والفنون للشعوب المشرقية من تركيا إلى اليابان، وهناك اتجاهات تنظر إلى الاستشراق نظرة سلبية وترى فيه أنه الجناح الفكري للاستعمار في السابق، وللعولمة في وقتنا الحاضر.

وطرح موراني إشكالية كبيرة في مسألة الحوار بين الثقافات والحضارات، وهي، هل نجري الحوار بين الغرب والإسلام؟ أم نجريه بين حضارتين مستقلتين لكل واحدة منهما خصوصيتها؟.

وأشار موراني إلى أن هناك خطأ في طرح مسألة الحوار بين الغرب والإسلام تتعلق في أننا نطرح حوارا بين منطقة جغرافية وبين دين، إضافة إلى خطأ منهجي آخر يتعلق بأن كلمة الغرب تنصرف في الذهن إلى تصوير الغرب على أنه مسيحي، رغم أن الواقع يؤكد أن الغرب هو علماني برمته؛ لذا فالحوار الواجب إجراؤه يجب أن يكون بين الحضارات وليس بين الأديان، ورأى أن الأديان في العادة لا تتحاور لأن لكل دين معاييره الثابتة، ولكل دين بنيته التحتية التي يتميز بها عن الدين الآخر، كما أن الحوار بين الأديان يسعى فيه كل طرف عادة إلى إقناع الطرف الآخر بمنطقه وحجته.

وطرح موراني إشكالية أخرى وهي هل يمكن اعتبار الخلافات بين المثقفين العرب والمستشرقين ذات دلالة قاطعة على وجود صراع الحضارات؟.

وأكد أن الحضارة الغربية -سواء من الزاوية الكنسية أو العلمانية- كانت تسعى إلى السيطرة على الحضارات الأخرى أو إضعافها والإساءة إليها في أوقات أخرى، وأن الاستشراق المنصف الأكاديمي يستطيع إجراء الحوار بين الحضارة الغربية والإسلامية بالتكافؤ والتوازن ودون اختراق للسيادة الثقافية التي يملكها كل طرف، والواجب على الاستشراق أن يخرج من برجه العاجي المنعزل لكي يلتحم بساحة الواقع.

الفهم قبل التواصل

أما الكاتب فهمي هويدي فدعا إلى فهم الغرب قبل التواصل معه، ومن هنا تنشأ الحاجة إلى إنشاء مراكز بحثية لتقوم بدورها في رسم الصورة الصحيحة عن الغرب، وأكد أننا نجهل الغرب، وهو ما يفرض وجود خرائط معرفية شاملة عن الغرب إذا أردنا التواصل معه، وأننا إذا أردنا أن نتواصل مع الغرب فلا بد أن نطرح سؤالا هو: من نحن؟ حتى نعرف ماذا نريد، وكذلك سؤالا هو: من هم؟.. وهذان السؤالان مهمان لمعرفة آفاق التواصل بين الجانبين.

وأكد هويدي أننا لا يمكننا تجاهل كتلة المسلمين في الغرب، وهؤلاء يتحاورون مع الغرب يوميا، والسؤال المطروح هنا: هل نحن على دراية بالجاليات الإسلامية في الغرب، وهل نحن على تواصل فعال مع هؤلاء المسلمين؟.

ونفى أن يكون قصده من التواصل مع مسلمي الغرب هو إلحاقهم بالعالم الإسلامي؛ لأن ذلك الأمر شيء غير مرغوب فيه، كما أنه أمر مستحيل. وطالب بأن يكون هناك تواصل مع الغرب خارج نطاق الهيمنة عبر مواقع الإنترنت وعبر ساحات الحوار.

وتساءل هويدي: هل لدينا ما نستطيع أن نقدمه للغرب؟ وأشار إلى أن في مقدرة مسلمي الغرب أن يقدموا نموذجا حضاريا للحوار مع الغرب، كأن يكون المسلمون هناك أداة للمجتمع في معالجة بعض مشكلاته مثلما فعلوا في ولاية مانشستر في بريطانيا حيث ساهموا في مواجهة الإدمان.

وأشار هويدي إلى عدة نقاط مهمة منها:

* أنه من الخطأ اعتبار أن الآخر هو الغرب فقط؛ لأن هذا التصور يخرج الشرق والجنوب من دائرة اهتمامنا، في حين أن تواصلنا مع العوالم غير الغربية يعد أمرا مهما وذلك لتبليغ رسالتنا ولمقاومة الضغوط الغربية.

* والآخر الغربي ليس شيئا واحدا؛ فهو عوالم مختلفة حيث توجد تمايزات داخل المنظومة الغربية.

* وعدم الاستسلام للصياغة التقليدية التي تعتبر الشرق والغرب معسكرين مختلفين، حيث حدث متغير مهم تمثل في دخول الإسلام في المنظومة الغربية، وأصبح الديانة الثانية في أكثر من بلد أوروبي؛ فهناك حوالي 30 مليون مسلم يعيشون في الغرب ومن الصعب فصل هؤلاء عن المنظومة الغربية.

* والتأكيد على أن الثقافة الغربية ما زالت متأثرة بفترة الحروب الصليبية، وأجوائها، وهذه الأجواء مشحونة بمشاعر الرفض والتجريح للمسلمين.

* وأن أحد شروط نجاح أي حوار وتواصل مع الآخر يقتضي توفر الاقتناع بالندية التي تؤسس قاعدة الاحترام المتبادل، والمقصود بالندية هو القبول بفكرة تعددية النماذج الحضارية وحق كل حضارة أن تُبقي على مقوماتها دون التحاق أو انسحاق بحضارة أخرى.

المنهجية.. كانت غائبة

ورغم أهمية هذه المحاور التي تناولها المؤتمر فإن النقاش فيها لم يعتمد منهجية واضحة؛ لذا جاءت الغالبية من الأوراق والكلمات والتعقيبات أقرب إلى عرض النصوص والشواهد التي تؤكد حرص الإسلام على الحوار مع الآخر، وحرص الإسلام على احترام الآخر والتسامح مع العقائد الأخرى، دون أن يكون هناك سعي إلى بناء تصور متكامل حول الموقف في التعامل مع الآخر سواء أكان دينيا أو حضاريا أو مذهبيا أو عرقيا.

ومن ثم انحصرت الكثير من الشواهد والاستدلالات من النصوص القرآنية والسنة النبوية والممارسة الإسلامية في صدر الإسلام الأول دون أن تتعداه إلى بقية العصور الإسلامية المختلفة، كما أن هذا الخطاب كان يعوزه التماسك حيث كانت غالبيته متناثرات لم تجتهد في تقديم رؤية الإسلام في هذه القضية كجهد نظري في التعامل مع الآخر، ولعل ذلك هو ما جعل الكثير من الكلمات تدور في نفس الحلقة دون أن تخرج منها بشيء يمكن البناء عليه مستقبلا.

كذلك كان واضحا من بعض الكلمات وجود قدر كبير من جلد الذات، وهو ما صور الأوضاع بأن المسلمين هم السبب في عدم التواصل مع الآخر، ولذا لم يكن غريبا أن ثار أحد المشايخ الأزهريين في مداخلة بإحدى الجلسات ليؤكد أن الآخر هو الذي يحتل الأرض وينتهك الحرمات ويعتدي على المقدسات فكيف نتحاور معه وهو يقدم لنا نفسه بهذه الصورة، كما أبدى الإسلامي اللبناني فتحي يكن نوعا من التخوف من أن تكون الدعوات إلى الوسطية وسيلة لإضاعة الدين والترخص، وأبدى البعض تخوفا من أن تتحول قيم الإسلام إلى قيم تكتيكية يتم اللجوء إليها حسب الظرف السياسي القائم.

ولوحظ أيضا في المؤتمر غلبة لغة التمني والأماني على محور: ماذا نريد من الآخر؟ حيث عرضت القيم والمطالب الإسلامية في صورة كليات كبيرة مثل ضرورة توافر العدل والكرامة والحرية والتسامح... إلخ بين الناس والحضارات وتحديدا بين القوى الغربية والمسلمين دون أن يحدد الحضور كيفية تشغيل هذه التمنيات في برنامج عمل حقيقي وليس بروتوكوليا.

اقرأ أيضا:


مساحات ثقافية |تراث وحضارة | لغة وأدب |فنون تشكيلية | سينما ومسرح |ميديا | أوتار وأنغام |مساهمات الزائرين|دردشة

ثقافة وفن

 

«

ابحث 

«

بحث متقدم

 

من نحن | اتصل بنا | أعلن معنا | ادعم إسلام أون لاين | خارطة الموقع