29 أكتوبر 2008 ، 30 شوال 1429هـ، العدد 10360
الأربعاء
 
 
 
 
 
  2006-06-14 00:07:36 UAE
  الإسلام والغرب في القرن 21
  بقلم :هاشم صالح
 

أصبح واضحاً لكل ذي عينين أن معركة بين الإسلام و الغرب سوف تشغل القرن الواحد والعشرين مثلما أن المعركة بين الغرب والشيوعية شغلت القرن العشرين.


كل الدلائل تشير إلى ذلك، وكل المثقفين والسياسيين يتحدثون عنها وإنما بأشكال شتى ومعالجات مختلفة. فمن الواضح أن اليمين المتطرف لا ينظر إلى المسألة من نفس الزاوية التي ينظر إليها اليسار المتطرف مثلاً أو حتى اليسار المعتدل إن لم نقل اليمين المعتدل أو الديغولي.


فيما يخص فرنسا نلاحظ مثلاً أن زعماء اليمين المتشدد من أمثال فيليب ودوفيليه، وجان ماري لوبن أوبرينوينوميغري، أوسواهم يحذرون الفرنسيين من التسامح مع الإسلام أو الجاليات الإسلامية المهاجرة والمقيمة في بلادهم.


وهم يعتبرون التسامح في مثل هذه الحالة نوعاً من العبثية أو حتى الانبطاح أمام الإسلام. وهو انبطاح يؤدي لاحقا إلى الانتحار الجماعي للغرب.


لماذا يتخذون مثل هذا الموقف المتطرف؟ لأنهم يعتقدون بأن الإسلام دين جهاد يقسم العالم إلى قسمين: دار الإسلام ودار الحرب. ولن تنتهي هذه الحرب إلا بانتصار الإسلام واعتناق البشرية كلها له.


وبالتالي فمهوم التسامح غير وارد في الإسلام لأنه يعني التراجع عن تنفيذ الأوامر الإلهية، وهذا مستحيل. وينتج عن ذلك بحسب رأى هؤلاء أن الإسلام دين يختلف عن بقية الأديان لأنه لا يؤمن إلا بالتوسع والفتوحات ولا يعترف بصلاحية أي دين آخر غيره. وبالتالي فإن التعايش معه مستحيل.


وضمن هذا المنظور المتشدِّد تجاه الجاليات العربية المهاجرة لا يعود هناك أي فرق بين مسلم وسطي، معتدل، عقلاني، ومسلم متطرف راديكالي على طريقة بن لادن والزرقاوي.. وهكذا يضعون جميع المسلمين في سلّة واحدة ويرمونهم في خانة التطرف والإرهاب!


في الواقع أن قادة اليمين المتطرف في فرنسا والغرب عموماً إذ يلعبون على وتر العصبيات الضيقة والتخويف من الإسلام، يريدون أن يكسبوا أكبر عدد ممكن من الأصوات في حملاتهم الانتخابية المقبلة.


فيما أن الرأي العام في أوروبا وأميركا الشمالية بما فيها كندا، أصبح حذراً من الإسلام بعد تفجيرات نيويورك ومدريد ولندن وسواها، فإن رجال السياسة الانتهازيين أصبحوا يعرفون كيف يستخدمون هذا الموضوع لتحقيق مآربهم الانتخابية والوصول إلى السلطة. فهم يقولون للناخب بما معناه:


نحن الوحيدون الذين نستطيع أن نحميك من هذا «البعبع» الكبير الذي يُدعى: الإسلام! وأما الطبقة السياسية الحاكمة بيمينها ويسارها فهي منبطحة أمامه ولا تفعل شيئاً لمقاومته. وبالتالي فقد آن الأوان لإسقاطها وإعطائنا مقاليد السلطة، فنحن نعرف كيف نتعامل مع الإسلام ونوقفه عند حده.


ولكن اليمين المعتدل والحاكم حالياً في فرنسا لا يوافق على هذا المنظور الذي يؤدي إلى إشعال حرب أهلية في فرنسا إذا ما انتصر أو وصل إلى السلطة.


والدليل على ذلك هو أن عمدة بلدية إحدى الضواحي الباريسية الحساسة التي شهدت اضطرابات في الآونة الأخيرة صرح قائلاً: لا ريب في أن قادة الأصوليين المسلمين الراديكاليين حاولوا استغلال مشكلة الضواحي للضغط على الدولة الفرنسية وتمرير مخططهم المتزمت، ولكن المسلمين المعتدلين تصدوا لهم وحاولوا مساعدة الدولة على تهدئة الوضع وعدم صبّ الزيت على النار.


وبالتالي فهناك إسلام متطرف وإسلام معتدل على عكس ما يزعم لوبن أو دوفيلييه أو ميغري، وغيرهم من قادة أقصى اليمين الحاقد على الإسلام والعرب منذ الحروب الصليبية وحتى اليوم، فالمسلمون بشر مثلهم في ذلك مثل بقية البشر.


وبينهم المتطرف حتى درجة الإرهاب، مثلما أن فيهم العقلاني الوسطي، المنفتح على الآخرين، ومحاكم التفتيش كانت مسيحية أيضاً قبل أن تستنير أوروبا وتتطور، ولكن لا أحد يقول بأن كل المسيحيين متطرفون أو إرهابيون!


وقل الأمر ذاته عن اليهود وبقية أتباع الأديان الأخرى، وبالتالي فحذار من التعميم الذي يأخذ البريء بجريرة المذنب، ففي كل شعب من الشعوب توجد أقلية متعصبة دينياً أو عرقياً وأغلبية معتدلة ومساءلة، والجاليات العربية المسلمة حظ لفرنسا وتساهم في تطويرها بقدر ما أن فرنسا حظ لها.


وهذا ما يعرفه كبار القادة السياسيين والثقافيين في بلاد فولتير وفيكتور هيغو وجان بول سارتر، ولذلك فإنهم يحذرون من الأطروحات التي يشيعها اليمين المتطرف عن المسلمين لأنها تؤدي إلى إشعال نار الحقد في البلاد وتهدد السلام الاجتماعي والمدني.


ولكن يبقى صحيحاً القول بأن القادة السياسيين هنا من أمثال شيراك، دوفيليبان، ساركوزي، جوسبان، فرانسوا هولاند، وجان بيير شفنمان ... الخ، يشتكون من عدم صدور ردود فعل قوية من طرف المسلمين المعتدلين ضد أعمال العنف التي يرتكبها المسلمون المتطرفون باسم الإسلام، والإسلام منها براء.


لا ريب في أن شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي أدان ضربة (11) سبتمبر وكل التفجيرات الإرهابية التي حصلت بعدئذ بكل وضوح. وقد فعل الشيء ذاته بعض الشيوخ الكبار الآخرين.


ولكن الكثيرين سكتوا عن الأمر وكأنه لا يعنيهم ... أو قل إنهم خافوا أن يفقدوا شعبيتهم إذا ما أدانوا أعمال «القاعدة» والزرقاوي وبن لادن.. وبالتالي فهناك مشكلة حقيقية داخل العالم الإسلامي ولا يمكن أن نمر عليها مرور الكرام، ونغض الطرف عنها.


وهذا هو رأي المؤرخ الشهير رينيه ريمون عميد معهد العلوم السياسية في باريس سابقاً. فهو يقول بأن الإسلام يعيش الآن نفس الأزمة الداخلية التي عاشتها المسيحية في القرن التاسع عشر عندما اصطدمت بعنف مع الحداثة. ولم تنحل المشكلة إلا بعد أن حصل تصالح بين المسيحية وفلسفة التنوير.


وهذه المصالحة التاريخية أدت إلى تهميش الأصوليين المتطرفين الذين أصبحوا أقلية في أوروبا. عندئذ انتصرت المسيحية الليبرالية على المسيحية الظلامية وتغيرت الفتاوى الدينية وظهر فقه جديد، وفهم آخر جديد للدين.


ويرى معظم مثقفي أوروبا وأميركا أن هذا الإصلاح الداخلي الكبير لم يحصل حتى الآن في الإسلام، ولكنه آت لا ريب فيه. ولهذا السبب فإنهم يدعون إلى تجديد برامج التعليم في العالم العربي لكي تتوافق مع مبادئ الحداثة والديمقراطية وحقوق الإنسان.


ومطالبتهم تتركز أساسا على تعليم الدين في المدارس الابتدائية والثانوية ناهيك عن الجامعات والمعاهد العليا، فما دام تدريس الدين سائداً كما كان عليه الحال في القرون الوسطى وعصور الانحطاط فان الصدام مع الغرب حاصل لا محالة فعندما تعلم الطفل الصغير بان كل من ليس مسلماً كان بالضرورة شخصا سيئا فانك تحضر الأجيال المقبلة لتفجيرات وصدامات لا يعلم إلا الله مداها وأبعادها.


وبالتالي فهناك مشكلة حقيقية حينما يخص التعليم ولا ينكرها إلا كل مكابر وهي تشمل العالم الإسلامي كله وليس فقط العالم العربي. ولذا يرى ريجيس دوبريه وماكس غالو وجاك وريدا وسواهم من المثقفين أن ما ينقص العالم الإسلامي هو المرور بالمرحلة التنويرية كما حصل للعالم المسيحي بدءاً من عصر النهضة.


وهذا هو رأي البروفيسور «جوزيف ناي» صديق بيل كلينتون والمسؤول عن القضايا الأمنية الدولية في عهده، فهو يرى أن المعركة الأساسية ليست بين الغرب ككل والعالم الإسلامي ككل كما توهم صموئيل هانتنغتون في كتابه الشهير صدام الحضارات، وذلك قبل أن يتراجع عن أطروحته المتطرفة. وإنما هي بين الحضارة ككل والمتطرفين ككل من كلتا الجهتين.


ثم يرى هذا الباحث أن العالم الإسلامي يعيش حرباً أهلية داخلية على أوسع نطاق بين المعتدلين والمتطرفين، أو بين الذين يفهمون الدين بشكل متسامح فيه الرحمة على العباد، وبين أولئك الذين يفهمون بشكل منحرف شديد التطرف والغلو، وبناء على نتائج هذه المعركة سوف يحسم مصير العالم العربي والإسلامي.

 

حفظ طباعةأعلى الصفحة


   
 
 
 
 
  ياعالم ..لماذا رياض الأطفال؟
محمود - الإمارات
  نحن بنات الثانوية تعباني نفسين
حراااااااااااام - الإمارات
  دوام يوم السبت المقبل
محمد صلاح عبد الرزاق - الأردن
  شكرا
طالب - الإمارات
  قرارات غير مدروسه
ام عاشه - الإمارات
  الرفض بالشدة
بدون اسم - الإمارات
  تقارب المستوى......!
حمدان الزعابي - الإمارات
  مالكوا سالفة
مهموم تربوي - الإمارات
  نحن بشر ولسنا حيوانات
عبدالحميد البلوشي - الإمارات
  لاحول ولاقوة إلا بالله
معتزغباشي - الإمارات
 
 
جميع الحقوق محفوظة - مؤسسة البيان للصحافة والطباعة والنشر 2008