مجلة العربي
 مجلة شهرية ثقافية مصورة تأسست عام 1958 تصدرها وزارة الإعلام بدولة الكويت للوطن العربي ولكل قارئ للعربية في العالم   
  السبت 1 يناير 2005  21/11/1425هـ / العدد 554   ISSUE NO 554, 1 Jan 2005  
 
العدد الحالي كل الاعداد

سنة  
شهر

 



   هل للمادة عقل?
        

          النظرة السطحية للموجودات, فينا, ومن حولنا, كانت تقسِّم المواد إلى حيّة يكتنفها الإدراك,وجامدة لا تُدرك. لكن العلوم الأحدث تثبت أن للجوامد نوعًا من الإدراك ودرجات من التدبير, وهو ما يكشف عنه هذا المقال, ويعيدنا إلى أفق التأمل الروحي ورحاب احترام الفطرة, وإن كان يستخدم تعبير (التنظيم الذاتي للمادة) عِوضًا عن (العقل).

          تزخر الحياة الواقعية, بالقصص التي يضحي فيها الإنسان بنفسه أو يرتكب جريمة أو يصاب بالجنون بتأثير العلاقات الإنسانية المختلفة. ويبدو من مثل تلك المواقف أن علاقة الإنسان بالإنسان, على وجه العموم, تخضع لقوى تبدو حتمية وقادرة على أن تقهر إرادة الإنسان, تماما مثل القوى الحتمية المادية. فنحن نستخدم ضمنا في تعبيراتنا عبارات تدل على مفاهيم وعلاقات مادية, وربما قوانين مادية تقديرية أيضا. فهناك قواعد للتجاذب والتنافر بين البشر, وهناك تطبيقات لقانون رد الفعل على المستوى الإنساني. والإنسان قد يكون (مرنا) أو (صلبا), (خشنا) أو (ناعما), (باردا) أو (حارا), والمجتمع مثل (النهر) مكون من (تيارات) فكرية, أو مثل الغاز يمكن أن (ينفجر) إذا زاد الضغط عليه..وهكذا.

          وفي مقابل ذلك فإن المادة الجامدة هي الأخرى ليست في كل الأحوال خاضعة للقوانين المادية الحتمية الصارمة, وإنما هي في أحوال كثيرة تقوم باختيارات لا يمكن تفسيرها بواسطة تلك القوانين. فالمادة على وجه العموم تتحرى الاقتصاد في الطاقة, والتشكيلات الجمالية, دون سبب مفهوم, كما أن المادة بشكل غامض أيضا تتحرى الصورة الرياضية سواء بشكل محدد أو بشكل احتمالي, وهذا التوجه هو منشأ القوانين الرياضية الطبيعية.

          أي أنه على وجه العموم يمكن القول إن الطبيعة المادية ليست في كل الأحوال خاضعة للسببية الصارمة. وكذلك فإن الطبيعة الإنسانية ليست في كل الأحوال معبرة عن الإرادة الإنسانية الحرة, وأن هناك علاقة غامضة بين الاثنين. وقد درج الإنسان في الفكر القديم على الاعتقاد في حيوية المادة, وعلى الاعتقاد بصفات خاصة بالمواد المختلفة مرتبطة بالحياة الإنسانية. أما في الفكر الحديث فقد وضعت تفرقة أساسية بين المادة الجامدة الخالية من الحياة, والمادة الحية التي يتكون منها النبات والحيوان والإنسان. وكذلك بين المادة الحية الخالية من العقل والإنسان الحي العاقل. وقد ترتب على ذلك أن أصبحت المادة شيئا خاملا جامدا لا يتحرك إلا بتأثير مؤثر خارجي هو القوى المادية, وأن حركة المادة بتأثير تلك القوى يمكن التنبؤ بها بدقة كاملة من خلال القوانين المادية.

الكون الواعي

          ابتداء من الثلث الأول من القرن العشرين وظهور نظريات النسبية وميكانيكا الكم والنظرية المعيارية للذرة واكتشاف ظواهر الفوضى المنظمة (الكاوس) واكتشاف آليات عمل الخلية الحية والشفرة الجينية وآليات التفاعل الكيميائي ووظائف المواد العضوية وتطور أبحاث المخ والأعصاب, بدأت النظرة إلى المادة في التغير مائة وثمانين درجة.

          فنتيجة لتلك التطورات بدأت تدريجيا في التشكل نظرة إلى العالم ترتكز على الطبيعة الذاتية للمادة في أشكالها المختلفة, وعلى الصور المختلفة للترابط بين أجزاء الكون. وكان من أسباب ذلك فشل النظرية الميكانيكية في تفسير العديد من الظواهر المختلفة للكون, وعدم وجود نظرية فيزيائية متكاملة, وفشل أبحاث المخ والأعصاب في تفسير ظاهرة الوعي في العقل الإنساني.

          ففي عام 1974 نشر الفيلسوف توماس ناجل مقالة شهيرة بعنوان (مثل ماذا أن تكون وطواطا), مبينا أن الوطواط يستبدل بالرؤية الموجات فوق الصوتية, ويتساءل عن وعي الوطواط, هل هو شيء مماثل للرؤية أم شيء آخر? ويرى فيلسوف العلوم المعرفية ديفيد تشالمرز في (العقل الواعي) (1995) أن المشكلات الصعبة التي تواجهنا عند تفسير كيفية عمل المخ هي تلك المتعلقة بتفسير الكيفية التي تتحول بها المدركات إلى مشاعر واعية, ويرى أن هذه الأخيرة غير قابلة للتفسير. وهو يتفق مع العديد من كبار الفلاسفة المعاصرين, مثل فرانك جاكسون وجالن ستراوسن وتوماس ناجل في أنه لا يمكن استنتاج الخبرة الواعية من أي نظرية فيزيائية, وأنه لا بد من اعتبار أن ظاهرة الوعي هي ظاهرة أساسية في الوجود, وأنه يمكن بناء على ذلك افتراض أن لكل الموجودات وعيا خاصا بدرجة ما. وهو الأمر الذي حاول تطبيقه جورج روزنبرج في (مكان للوعي) (2004) في نظريته التي سماها (الطبيعية الليبرالية).

          ويؤيد هذا الاتجاه عدد من العلماء بناء على أبحاث نظرية تطبيقية, فيرصد العالم الروسي إيليا بريجوجين الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1977 الضعف الأساسي في التصور الميكانيكي للمادة, والمتمثل في العجز عن تفسير ظهور التنظيمات المعقدة في الطبيعة. وذلك بالإضافة إلى الانفصال بين النظرية الميكانيكية للحركة والنظرية الثرموديناميكية وتعارضهما. وذلك في حين يطرح العالم فرانك تبلر في (المبدأ الكوني الإناسي) (1994) تصورا مفاده أن الكون في مجمله ليس إلا نظاما لتشغيل المعلومات. المادة هي المكونات الصلبة للنظام (هاردوير) وقوانين الطبيعة هي المكونات اللينة للنظام (سوفتوير). وهو يرى أن التنظيم الذاتي لأي منظومة يعكس كمية المعلومات المشفرة في داخلها, والحياة ليست إلا مستوى معينا من المعلومات مكودَّة بشكل يؤدي إلى الحفاظ عليها من خلال الانتخاب الطبيعي. وبذلك المعنى ليس هناك فرق أساسي بين المستويات المتتالية للموجودات إلا مستوى التنظيم, أو مستوى تشفير المعلومات. ويركز العالم ديفيد بوهيم (1990) على التناقض بين نظرية النسبية وميكانيكا الكم, ويقترح وجود (مجال كامن) على مستوى ميكانيك الكم, ترتكز عليه النظريات التي تربط بين العقل والمادة.

          وفي صورة مختلفة يعبر توم ستونير, في (التاريخ الطبيعي للذكاء) (عام 1992), عن نفس الفكرة, حيث يرى أن الذكاء هو صفة أساسية تتميز بها جميع الموجودات بدرجات مختلفة, تبدأ من المواد الجامدة إلى المجتمعات الإنسانية. وتتعدد التصورات التي تعبر عن مفاهيم مشابهة, مثل فكرة سببية الفاعل (أي السببية التي تنشأ من المادة ذاتها) فولمر (1999), أو اعتبار الميول الطبيعية للمادة صفة أساسية للمادة, ممفورد (1998). والصورة النهائية التي تهدف إليها تلك التصورات المختلفة هي ما يطلق عليه (الكلية) أو التصور الكلي المتشابك للكون الذكي ذي التنظيم الذاتي, الذي يأخذ في اعتباره مختلف ظواهر الوجود المادية والعقلية. وهو ما عبر عنه العالم جيرالد إدلمان الحاصل على جائزة نوبل عام 1972 حينما عنون مؤلفه الصادر عام 2001 بعنوان (عالم من الوعي: كيف تتحول المادة إلى تخيلات?).

مزيد من الظواهر

          والمتأمل لظواهر الطبيعة في مستوياتها المختلفة سوف يجد أن صفات الوعي والقدرة على الاختيار والفعل الذاتي الهادف موجودة وظاهرة في كل مستوى من مستويات الموجودات الجامدة والحية على حد سواء. فعلى المستوى دون الذري أثبتت تجارب عديدة على فوتونات الضوء ومكونات الذرة أنها قادرة على تغيير تصرفاتها من حيث الصفة الجسيمية والصفة الموجية بحسب الظروف المحيطة بالتجربة. كما أثبتت وجود نوع من الاتساق والتوافق بين الجسيمات المختلفة المرتبطة بعضها بالبعض الآخر, حتى ولو كانت على جانبي الكون, فيما يعرف بظاهرة (E.P.R).

          أما بالنسبة للمركبات على المستوى الذري فإن ارتباط ذرات معينة لتركيب مركبات معينة لا يمكن تفسيره من خلال القوانين الطبيعية, وإنما يرجع إلى (النزوع) الطبيعي لذرات معينة للارتباط. وكان تعليق العالم الشهير أحمد زويل الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999 على تصوير كيفية التقاء الذرات من خلال تقنية الفمتوثانية هو أن الذرات والجزيئات, تبدو كما لو كانت تتغازل قبل أن تلتقي لتكوين مركب جديد.

          وتزداد القدرة على الاختيار وتحقيق الهدف بشكل كبير في المركبات العضوية التي تعد حجر الأساس لظهور الحياة. فإلى جانب الدور المعروف للسلاسل الجينية الشهيرة (د.ن.أ) في تسجيل ونقل الصفات الوراثية من خلال آليات معقدة. فإن المتأمل للدور المعقد للبروتينات في تنفيذ الأعمال في الخلايا الحية يشعر على الفور بالقدرة الذاتية الواسعة لتلك المركبات, وبالوعي الذاتي بما تقوم به من أعمال. وعلى مستوى الخلايا الحية فإن أداء الخلايا لا ينم فقط عن القدرة الذاتية والوعي, وإنما عن القدرة على الإدراك وعلى التصرف بأشكال مختلفة بحسب المهام الموكولة إليها.

          وتتضمن الفرضية التقليدية القائلة بالفرق الجوهري بين المادة الجامدة والمادة الحية, وكذلك, بين الخلية الحية والمملكة الحيوانية, فرضية ضمنية, هي أنه يمكن وضع الحدود بين كل من تلك المستويات. وذلك بمعنى أن هناك فرقا حاسما بين المادة الجامدة والمادة الحية يتمثل في سمات معينة تميز الكائن الحي. ولكن مع تقدم العلم تبين وجود مستويات وسيطة للوجود تفي بجزء من سمات الكائن الحي ولا تفي بالباقي.

          وذلك مثل الفيروسات, فالفيروسات ليست في الحقيقة حية, ولكنها مع ذلك تستطيع أن تسيطر على الخلية الحية وعلى وظائفها, وأن تستخدمها لإعادة إنتاج المزيد من ذاتها لمهاجمة خلايا أخرى, فهي كائنات وسط بين المادة الجامدة والمادة الحية. كما أن التمييز بين مستوى النبات والحيوان غير حاسم, فهناك أنواع وسط بين البكتريا والنبات والحيوان. وهناك مجموعة كاملة من النباتات تحوي نمطا من الهيموجلوبين في بعض مناطق جذورها, والنتيجة هي أنه لا يمكن عمل تصنيف فاصل جوهري بين مستويات الوجود المختلفة. ومن باب أولى عدم وجود تفرقة أساسية بين المستويات المتتالية للقدرة الذاتية والوعي الذاتي للموجودات إلا في مستوى التنظيم والتعقيد.

          والاختلاف في تفسير الوجود المادي بين مفهوم المادة الجامدة ومفهوم المادة ذات القدرة الذاتية التنظيم ليس خلافا لفظيا وإنما هو خلاف له تأثير أساسي على كيفية تعاملنا مع الطبيعة. فالعلماء هدفهم الأساسي هو التوصل إلى القوانين النهائية للطبيعة. ويطمح العلماء في القرن الواحد والعشرين إلى التوصل إلى النظرية التي تجمع بين ميكانيكا الكم ونظرية النسبية, فيما يسمى بنظرية كل شيء, أي النظرية التي تستطيع تفسير مختلف الظواهر الطبيعية للوجود. ويبين (واينبرج) في كتابه الذي يحمل عنوان (أحلام النظرية النهائية) (1992) أن هناك مشكلة مع الوعي. فعلى الرغم من قوة النظرية الفيزيائية الحالية, فإن الوعي لا يبدو أنه مشتق من القوانين الفيزيائية.

          ولذلك فمع ظهور مفاهيم الكلية والوعي والتنظيم الذاتي للمادة, أصبح العلماء أمام مفترق طرق. إما الاستمرار في تحري قوانين الطبيعة حسب المفاهيم الحالية, وهي الميكانيكية والاحتمالية والسببية, والتي تتلخص حاليا في نظريتي النسبية وميكانيكا الكم. أو المزاوجة بين نوعين من القوانين هي قوانين السببية الخارجية (الميكانيكية), وقوانين السببية الداخلية (ذاتية التنظيم). ويطلق دافيد تشالمرز على هذه المزاوجة للقوانين (القوانين السيكوفيزيائية). فالنوع الأول من القوانين  خارجي سببي فيزيائي, والنوع الثاني  داخلي غائي سيكولوجي, والمزاوجة بينهما تنتج قوانين سببية-غائية.

          فالقوانين المادية واللامادية (أي السببية والغائية) توجد في جميع مستويات الوجود بنفس القدر, ولكن لا توجد صياغة نظرية حاليا تستطيع التعبير عنها بحيث تكون صالحة لكل تلك المستويات. ويرى إيجور هانزل في (مفهوم القوانين العلمية) (1999) أنه من الضروري أن تتضمن النظرية القدرة على الربط بين الصفات الكمية والصفات الكيفية للموجودات, وعلى التفرقة بين الأسباب الظاهرة والقدرات الكامنة في كل موجود وإنشاء العلاقة بينهما.

          والنتيجة النهائية هي أن الفلاسفة والعلماء منقسمون إلى فريقين, فريق (مذهب الفيزيائية) الذي يرى أنه سوف يمكن في المستقبل تفسير شتى ظواهر الوجود بواسطة قوانين الفيزياء السببية وحدها. وفريق (مذهب الضد-فيزيائية) الذي يرى أنه من الضروري التوصل إلى قوانين جديدة بصورة جذرية, حتى يمكن تفسير الظواهر الطبيعية بشكل كامل, ويطرحون فكرة الكون الكلي الواعي. وهو ما يشير إلى تحول تدريجي, ولكنه ملموس, إلى النقيض من المفهوم العلمي الميكانيكي الكلاسيكي. فبدلا من محاولة مشابهة العقل بالمادة الميكانيكية كما في القرن التاسع عشر, فإن العكس هو المرشح لأن يحدث, وهو أن نعطي تفسيرا للمادة على أساس النموذج الذاتي الغائي, أي مشابهة المادة الجامدة بالعقل.

          والواقع, على ما يبدو, هو أن ما سينتهي إليه الأمر هو مشابهة العقل الإنساني, بالمادة الجامدة, وفي نفس الوقت مشابهة المادة الجامدة بالعقل الإنساني. فنتوصل إلى قوانين آلية للعقل الإنساني تكون كيفية تقديرية, يمكن تسميتها في هذه الحالة بالقوانين الخارجية. ونتوصل في الوقت  ذاته إلى قوانين للمادة معتمدة على الطبيعة النفسية أو العقلية للمادة, تعتمد على الدوافع والرغبة في تحقيق غايات معينة وعلى تحليل المدركات, يمكن تسميتها في هذه الحالة بالقوانين الداخلية.

          وفي تلك الحالة تكون العلاقة بين المحبين هي علاقة جاذبية مماثلة لعلاقة الجاذبية بين الجزيئات والذرات وتخضع للقوانين الخارجية. أما عملية اختيار الحبيب دون ملايين البشر, فهي عملية اختيار حر تخضع للطبيعة الداخلية للحبيبين, مثلما أن اختيار ذرة الهيدروجين لذرة الأكسجين هو اختيار حر يخضع للقوانين الداخلية. وفي هذه الحالة يصح الوصف الشائع للعلاقة بين المحبين بأن الكيمياء بينهما جيدة, كما يصح في الوقت نفسه وصف العلاقة بين الجزيئات بأنه تعبير عن الحب والرغبة في الارتباط

من عجائب المادة

          - ظهر أن التغيرات الطبيعية شديدة التعقيد ليست عشوائية, وإنما تتبع نظاما سمي بالكاوس (الفوضى المنظمة). وقد ظهر في السبعينيات شكل جديد من الهندسة خصص لوصف الأشكال الجديدة للتغيرات الطبيعية المعقدة, سمي بالبنية الفركتلية. وهي تتكون من نماذج متكررة تتميز بالتشابه الذاتي بحيث تعطي عند أي تكبير أو تصغير نفس الشكل, فأي جزء صغير من البنية يماثل الكل إلى حد كبير. ومن نماذج البنى الفركتلية الطبيعية الأشجار والغيوم والجبال.

          - تتكون البلورات الجزيئية نتيجة ترتيب الجزيئات بأشكال معينة وفق طرق تجعل الفضاء فيما بينها أصغر ما يمكن. وذلك لأن الترتيب الذي يتطلب فضاء أقل هو على الأغلب الترتيب الذي يجعل الطاقة الكلية لجميع القوى بين الجزيئات ذات قيمة صغرى. وأشكال ترتيب البلورات التي تنتجها الطبيعة كثيرة جدا, ومع ذلك فإن العلماء لا يعرفون إلا القليل عن العوامل التي تتحكم في هذا الترتيب. وتنتج بلورات ندف الثلج, مثلا, أشكالا رياضية لانهائية تتسم جميعها بالتناسق والجمال.

          - تمتلك البكتيريات والحيوانات الأولية والفيروسات أساليب متقنة مذهلة تعمل على تسخير أجسام الحيوانات لأغراضها في استمرار دورة حياتها. وبعض هذه الطفيليات تعمل على تغيير سلوك العائل لمصلحة غاياتها الخاصة, وذلك عبر إزعاج العائل على نحو يجعله يتصرف بأسلوب غير طبيعي يستفيد منه الكائن الطفيلي.

ابتكارات تحاكي التنظيم الذاتي للمادة

          - الآلات البيوجزيئية المرنة: تستطيع سلاسل الأحماض الأمينية أن تحول الطاقة الكيميائية إلى حركة. ويمثل كل كائن حي تكاملا ناجحا للعديد من الآلات البيوجزيئية التي تحول الطاقة من شكلها الضوئي أو الكيميائي الخام إلى حركة. وقد قام البيوكيميائيون خلال العقود الأربعة الماضية بإعادة هندسة وتصميم بعض البروتينات التي تشكل المكونات الرئيسية للآلات البيوجزيئية.

          - الهلاميات الذكية: يحاول الباحثون تصنيع آلات باستخدام نوع من المواد يعرف بالهلاميات المتبلمرة. وهي مركبات كيميائية معقدة مكونة من أكداس من الجزيئات ذات السلاسل الطويلة, مثل البوليستيرين أو الأكريلاميد, مشبعة بمائع أو محلول. وقد صنعت في المختبرات الأكاديمية والصناعية أنواع من تلك الهلاميات تستطيع أن تغير من حجمها وشكلها بتأثير الطاقة الكيميائية, وهو ما يمكنها من أن تستخدم كعضلة للروبوت أو كأجزاء بديلة للأعضاء البشرية.

          - الماكينات النانوية الجزيئية: في نوع من الخيال العلمي القابل للتحقُّق, يطرح بعض العلماء فكرة التركيز على محاكاة الطبيعة في إنشاء وتصنيع المواد والآلات على المستوى الجزيئي, ويسمى ذلك التقانة النانوية (نسبة إلى النانومتر وهو واحد على البليون من المتر). وذلك بتصميم ماكينة نانوية جزيئية (تسمى المجمع) تقوم بتجميع لبنات بنائية جزيئية لتشكل آلات جزيئية جديدة. وهو ما يترتب عليه إمكان صنع ماكينات جزيئية رخيصة الثمن وبكميات وفيرة. وتستطيع هذه الآلات أن تضع كل ذرة في مكانها المختار, وبذلك تنتج أشياء بدقة بيولوجية سوف تحدث ثورة في طرق التصنيع وتؤدي إلى تحسن كبير في خواص المواد وأداء الأجهزة, ولن تكون هناك مخلفات سامة للتصنيع, وتخفض تلك الآلات تكلفة الخلايا الشمسية ونظم تخزين الطاقة وتخفض تكاليف النقل نظرا لخفة المواد, وكذلك إمكانية الإصلاح الجزيئي لجسم الإنسان وإعادة الجسم إلى حالة الصحة والشباب.

 

سمير أبو زيد   
 

 
اعلانات



 

 

بنية بروتين (بروتياز) الموجود في فيروس نقص المناعة المكتسبة




 

 

طرفيات الخلايا المخية تتلاقى في نقاط تسمى المشابك لنقل المعلومات




 

 

تتشكل ريشة الطائر بتصميم يحقق الخفة والمتانة والشكل الجمالي أيضا




 

 

صورة توضح كيفية قيام الخلية بإنتاج بروتين جديد




 

 

تشكيلات الطبيعة المعقدة تتجلى في أفرع الشجر والغيوم والصخور




 

 

الغشاء الخلوي أشبه بلوحة لتوزيع الاتصالات داخل وخارج الخلية




 

جميع حقوق النشر والاقتباس محفوظة "لمجلة العربي" وزارة الإعلام - دولة الكويت ص.ب 748 الصفاة - الرمز البريدي 13008

دولة الكويت - بنيد القار - ق1 - ش 47 - قسيمة 3 - فاكس : 2512044