Arabic symbol

 

                          

أهلا بكم من نحن فلاسفة أبحاث فلسفية الخطاب الفلسفي أخبار الفلسفة خدمات الفلسفة

فلاسفة العرب

                               

 

 

            

 

نسبية أخلاقية متماسكة

دافيد كابس، مايكل لينش، ودانييل ماسي

 

English

 

 

 
بحث مخصص

 

 

 

 

 

 

ملخص

النسبية الأخلاقية هي موقف مغري، ولكنه أيضا صعب الصياغة. في هذه الورقة، نحن نقترح طريقة بديلة لصياغة النسبية الأخلاقية بشكل يسمح بوضع نسبية الأخلاق في إطار يجعل الدعاوى الأخلاقية صحيحة. مثل هذه المقاربة، نحن نعتقد، لها مميزات واضحة بالمقارنة مع الطرق الممكنة لصياغة النسبية الأخلاقية. ونحن نختتم بوضع عدد من المشكلات التي يمكن أن يواجهها هذا الموقف في الاعتبار.1

 

مقدمة البحث 

 1       لماذا النسبية الأخلاقية؟

 هناك أسباب عديدة من أجلها يمكن للمرء أن يريد أن يدافع عن النسبية الأخلاقية، ولكن واحد من أهم الاهتمامات المقبولة هو عدم الاتفاق الأخلاقي. هناك اختلافات بواسطة أطراف ذكية، مدققة ومتعلمة إلى درجة أن هذه الاختلافات لا يمكن متابعتها. ليس هناك أي قدر من المعلومات يمكنه أن يحل اختلافاتهم.  يمكن أن يكون الواقعي مجبرا على تفسير هذه الاختلافات على أساس الحقائق الأخلاقية التي لا يمكن لبعض الأطراف ببساطة أن تقدرها بغض النظر عن كل التقدم الممكن في الأدلة. بعض الحقائق الأخلاقية، كما لابد يقول الواقعي، هي ببساطة غير قابلة للتعرف عليها بواسطة بعض النفوس غير المحظوظة. إذا كان عدم الاتفاق هو واقع حقيقي (أي أن كل من الطرفين المختلفين يتناقض مباشرة مع الآخر)، فإن أحد الطرفين على حق والثاني على خطأ – حكم أحدهما صحيحا وحكم الآخر خطأ – ومع ذلك ليس هناك طريقة لحل اختلافاتهما.

 

يقدم أصحاب النسبية الأخلاقية طريقة للالتفاف حول المشكلة. في مثل هذه الحالات، يقول أصحاب النسبية الأخلاقية، ليس هناك ببساطة حقيقة مطلقة في الموضوع. ليس أن أحد الأطراف على حق والآخر على خطأ، ليس هناك طريقة لمعرفة أيهما هو أيهما. بدلا من ذلك، كل منهما على حق. هما مختلفين، واختلافهما لا يمكن حله، ولكن فقط لأن كليهما على حق على التوالي بالنسبة لطريقتهما للنظر إلى الموضوع. في مثل هذه الحالات، هناك فقط حقائق أخلاقية بالنسبة لمقاييس يمكن أن تختلف باختلاف الأفراد. وهكذا، يملك صاحب النسبية الأخلاقية طريقة عملية لتفسير ماذا يجري في الجدل الأخلاقي الذي يبدو غير قابل للتتبع ولا ترجع إلى الحقائق الأخلاقية التي ليس هناك إمكانية في التوصل إليها معرفيا. بدلا من ذلك، الاختلافات هي، كما توصف عادة، لا تخطئ.2  

إذن تفسير الاختلافات الأخلاقية غير القابلة للتتبع هو مشكلة بالنسبة لصاحب الواقعية الأخلاقية، وعلى السطح تقدم النسبية الأخلاقية بديلا مغريا. من المشهور، على أية حال، أن النسبية الأخلاقية ترتبط عادة بعدد من المشكلات الصارخة كلها ناتجة منها. واحدة من أكثر هذه المشكلات ظهورا هو كيف حتى يمكن صياغة هذا الموقف. كما نراه، أي صياغة للنسبية الأخلاقية يحب أن تتفق مع على الأٌقل المتطلبين، أو الشرطين، التاليين. يجب على النسبية (1) أن تسمح باختلاف أصيل حول موضوع مشترك؛ و(2) أن تقدم تفسير - مؤسس على ممارساتنا الأخلاقية – عن لماذا تكون الأحكام الأخلاقية صحيحة فقط نسبيا.

دعنا نفسر كل من هذين الشرطين أكثر قليلا. أولا، إذا كان للواقعي مشكلات في تفسير كيف يمكن أن يتم حل الاختلافات غير القابلة للتتبع، فللنسبي مشكلات في تفسير كيف يمكن حتى أن توجد الاختلافات. لا يمكن للنسبي ببساطة أن يشير إلى الاختلافات الأخلاقية وأن يدعي أنه، باعتبار أن الأطراف تستخدم لغة أخلاقية، كل منهما ببساطة يعبر عن قضايا مستقلة. إذا كان طرف معين يؤكد فإن الثاني ينفي، لا ينكر وجود اختلاف حقيقي. لكي ندعي غير ذلك هو ببساطة أن ننظر إلى الاختلافات الأخلاقية على أنها حالات لأشخاص يتحدثون بمعزل كل منهما عن الآخر. بمعنى آخر، يجب على صاحب النسبية الأخلاقية أن يفسر كيف يمكن للأطراف المختلفة أن تتشارك المحتوى – كيف يمكن أن يؤكد أحدهما نفس القضية التي ينكرها الآخر.

شرط المحتوى المشترك يقترح أنه سوف يكون صعبا بالنسبة لصاحب النسبية الأخلاقية أن يدعي أن القضايا – المحتوى – الخاصة بأحكامنا الأخلاقية هي في ذاتها نسبية أو مرتبطة بمتغير ما مثل الإطار الأخلاقي.

ذلك أنه سوف يكون من غير المقبول أن نأخذ القضية (القتل خطأ) على أنها إيجاز لـ (القتل خطأ طبقا للإطار الأخلاقي ط). وذلك لأنه إذا كان محتوى ما يبدو أنه أحكام أخلاقية غير متوافقة هو في الحقيقة تعبيرا موجزا عن الأحكام الأخلاقية التي هي في الواقع متوافقة عندما تستكمل بشكل مناسب (مثال، "القتل خطأ طبقا لـ ط" و"القتل ليس خطأ طبقا لـ ع") فإن معنى أن الطرفين هما في الحقيقة مختلفين يختفي.  الطرفان في النزاع المفترض هم فقط يطلقون أحكاما أخلاقية تبدو على السطح أنها غير متفقة؛ ولكنهم في الحقيقية يتحدثون بمعزل كل عن الآخر.

الشرط الثاني بالنسبة للنظريات النسبية هو أن مصدر وطبيعة النسبية المستدعاة يجب أن يتم تفسيره. مثال توضيحي سوف يساعد على إيضاح هذه النقطة. لنضع في الاعتبار موقف نسبي بسيط طبقا له معنى وحقيقة المحمول نفسه يتضمن رمز إشاري خفي: الصدق مجازي بالنسبة لـ "صادق-في-الإطار ط". أي منظور مثل هذا سوف يواجه مشكلات معروفة تخص الدحض الذاتي المحتمل (مثلا، هل الدعوى بأن "صادق" تعني "صادق في ط" صحيحة؟). ولكن حتى ولو كانت مثل هذه المشكلات ممكنة الحل، موقف إشاري بسيط للمفهوم "الصدق" من هذا النوع لا يقول لماذا يجب أن يفهم معنى محمول الصدق بهذه الطريقة. مجرد قول أنه يتضمن رمز إشاري خفي لا يفسر ما هو عن الخاصية التي يدل عليها المحمول والتي تحدد أن هذا هو كذلك، ولا ما هو عن الأحكام الأخلاقية التي يتم تطبيقه عليها والتي تجعل الموقف مقبولا من الأصل. بصفة عامة، نحن نرى أن أي منظور يدعي أن الأحكام الأخلاقية هي صادقة نسبيا يجب أن يفسر كلا من طبيعة ومصدر هذه النسبية.   

2 بعض البدائل

جيلبرت هارمان مشهور بدفاعه عن النسبية الأخلاقية. هارمان حساس بالنسبة لشرط المحتوى المشترك الذي ناقشناه أعلاه. وهكذا النسبية الأخلاقية، كما يفسرها هو، ليس في موضع يختص بمحتوى الأحكام الأخلاقية. ليست القضايا التي تعالجها الأحكام الأخلاقية هي النسبية، ولكن ظروفها المتعلقة بالحقيقة"truth conditions". كما يقول،

 لأغراض تعيين شروط الصدق، الحكم الذي يتخذ صورة، "سوف يكون من الخطأ أخلاقيا أن م إلى ن"، يجب أن يفهم بمعنى مجازي بالنسبة إلى حكم يتخذ صورة، "بالنسبة إلى الإطار الأخلاقي ط، سوف يكون من الخطأ أخلاقيا أن م إلى ن". وبالمثل بالنسبة للأحكام الأخلاقية الأخرى.

طبقا لنسبية هارمان، شروط الصدق بالنسبة لحكم شخص ما بأنه، على سبيل المثال، من الخطأ أن نقوم بالإجهاض، هي نسبية بالنسبة لإطار أخلاقي ما أو آخر. ليس هناك مجموعة واحدة من شروط الصدق يمكن تقريرها للحكم. على الرغم من ذلك، حيث أن هذا هو موقف بالنسبة لشروط الصدق وليس بالنسبة للمحتوى، يرفض هارمان أن هذ يتضمن أن الناس الذين يستخدمون أطر أخلاقية مختلفة هو في الحقيقة يتكلمون عن أشياء مختلفة. هو لم يعد ملتزما بهذا المنظور، كما يقول، أكثر من التزام النسبي في الفيزياء بالدعوى القائلة أن الناس العاديون يتكلمون عن أشياء مختلفة عندما يناقشون حركة الأجسام عندما يشغلون مواضع للنظر مختلفة.5 أكثر من ذلك، ليس هناك إطار أخلاقي صحيح بشكل موضوعي.6لا يمكن لحقيقة أخلاقية واحدة فيما يخص أخلاقية الإجهاض أن يتم تسريبها من الباب الخلفي من خلال الادعاء بأن هناك إطار أخلاقي واحد صحيح. الحقائق الأخلاقية، إذا جاز القول، هي منسوبة إلى هذه الأطر الأخلاقية.

يمكن، وقد تم، تحدي نسبية هارمان. ولكن حتى ولو كانت هذه التحديات قد تم الرد عليها، الموقف العام لا يزال يواجه مشكلة الشرط الثاني المذكورة أعلاه. على وجه التحديد،

ماذا يفسر حقيقة أن شروط الصدق للأحكام الأخلاقية هي نسبية – بافتراض ماذا هي كذلك؟ أحد الإجابات يمكن أن تكون: طبيعة التصورات الأخلاقية التي نستخدمها في إقامة هذه الأحكام. ولكن يبدو أنه مستبعد – حيث أنه إذا كانت تصوراتنا الأخلاقية نسبية، سوف يتوقع المرء أن هذه النسبية سوف تنعكس على القضايا التي نعبر عنها بواسطة هذه الأحكام. وهذا ليس موقف هارمان. مع ذلك يبدو أنه من غير المقبول بنفس القدر القول أن النسبية تعود إلى الخواص الأخلاقية التي تشير إليها تصوراتنا الأخلاقية. لأن الحديث عن "الخواص الأخلاقية" – سواء نسبية أم مطلقة – يبدو أنه له ارتباط ضعيف بـ، وحقا حتى غير متعاطف وجوديا مع، موقف غير واقعي واسع للأخلاقية. 

يبدو أن موقف جون ماكفارلين لنسبية الدلالة اللغوية الذي طوره مؤخرا يمكن أن يقدم طريقا بديلا لتطوير النسبية الأخلاقية. يقترح ماكفارلين أن ينسب إلى القضايا شروط صدق نسبية ليس فقط إلى ظروف التقدير الطبيعية (العالم والوقت)، ولكن أيضا بالنسبة إلى مقياس آخر يتم تحديده بواسطة ما يسميه سياق التقييم. هكذا، بشكل تقريبي، عندما تحكم أن الإجهاض خطأ، أنا أقيمه طبقا للمقاييس الأخلاقية العاملة في سياقي الخاص كشخص قائم بالتقييم – وبشكل مقبول بمقاييسي الخاصة. يمكن لي أن أجد، بشكل صحيح طبقا لهذه المقاييس المشار إليها، أنك ببساطة مخطئ. الإجهاض هو عادة مسموح به. ولكن عندما تضع في الاعتبار أحكامك أنت (أي عندما تصبح أنت القائم بالتقييم لأحكامك أنت) يمكن بنفس الدرجة من الصحة من خلال مقاييسك أن تجد أنك كنت على حق. الإجهاض هو خطأ على طول الخط. 

اعتماد نسبية ماكفارلين للدلاليات "semantics" له مميزات. ضمن أشياء أخرى، بما أنها تسمح بأن نفس القضية يمكن تقييم صدقها بالنسبة لمقاييس مختلفة، فهي تسمح بالمحتوى المشترك. ولكن مشكلة استخدام نسبية ماكفارلين للدلالة اللغوية بالنسبة للأحكام الأخلاقية من أجل تطوير نسبية أخلاقية هي أن نسبية ماكفارلين للدلالة اللغوية هي مجرد دلاليات "semantics". يعطينا ماكفارلين دلاليات "semantics" يمكن استخدامها في الأحكام الأخلاقية، ولكن، مهما تخبرنا الدلاليات في الحقيقة، يمكن أن تكون هناك حقائق مطلقة لها أهمية فيما يخص كل وأي سؤال أخلاقي. إذا يبدو أنه إذا كانت دلالياتنا هي كما يقترح ماكفارلين، فإننا يجب أن يكون لدينا موقف يفسر لماذا تكون الحقيقة في المجال الأخلاقي متغيرة بالارتباط مع مقياس معين وضع بواسطة سياق التقييم.  

على العموم، مجرد اعتماد الدلاليات للحديث في الأخلاق لا يضمن أن أساليبنا في الحديث والحكم تستجيب للحقائق الأخلاقية. لا يجب على صاحب الأخلاق النسبية أن يكون مجرد مسجل للسلوك الإنساني. يمكن له أيضا أن يقدم موقفا تفسيريا للظواهر الأخلاقية الحقيقية. الموقف التفسيري للنسبية الأخلاقية الذي نقدمه هنا يحاول أن يفعل ذلك بواسطة وضع نسبية الحقائق الأخلاقية في طبيعة الخاصية التي تجعل الأحكام الأخلاقية صحيحة. إذا كان هذا الموقف صحيح، فإن النسبية الدلالية سوف تكون ملائمة للأخلاقية ليس فقط كتسجيل لكيف تتصرف الأحكام المتنافسة، ولكن أيضا كموقف لكيف يجب أن تمضي في التصرف.

 

 



 

David Capps, Michael P. Lynch, and Daniel Massey, 2009, "A coherent moral relativism", in Synthese, 166:413–430.

 

.